بيتنا.الافضل.نيت

اهـــلا وســــهــــلا بـــــك عــــزيــــزى الــــعــــضـــــو نــــتــــمـــــنــــتـــــى ان تـــقـــضـــى مــــعـــنـــا وقــــتــــا ســـعــــيــــدا ـلــــو وجــــد ا ى مــــشــــكــــلــــه الــــرجاء مـــراـســــلـــه الاداره حـــالا مـــن ايــــقــــوـنـــه متـــطـــلـــبـــات الاعـــضـــاء وشـــكــــرا عـــلـــى حـــســــن تـــعـــاونـــكـــم مـــعـــنـــا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بيتنا.الافضل.نيت

اهـــلا وســــهــــلا بـــــك عــــزيــــزى الــــعــــضـــــو نــــتــــمـــــنــــتـــــى ان تـــقـــضـــى مــــعـــنـــا وقــــتــــا ســـعــــيــــدا ـلــــو وجــــد ا ى مــــشــــكــــلــــه الــــرجاء مـــراـســــلـــه الاداره حـــالا مـــن ايــــقــــوـنـــه متـــطـــلـــبـــات الاعـــضـــاء وشـــكــــرا عـــلـــى حـــســــن تـــعـــاونـــكـــم مـــعـــنـــا

بيتنا.الافضل.نيت

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بيتنا.الافضل.نيت

بــــــــيـــــــــــــت الاســـــــــــــــــلام

شــنــط جــــلال بـــــيــــع الــــــمــــصـــــنــــــوعــــــات الــــــجـــــلـــــديــــه والـــــشــــنــــط الــــمــــدـــرســــيه وشــــنــــط الــــســــفـــــر والــــشــــنــــط الـــرجـــــالى رش جــــواكـــــت الـــــجـــــلــــــد الطـــــبـــــيـــــعـــــى والــــشـــــنـــــط الــــحــــريـــــمــــى تــــصـــــلــــيــــح جـــــمـــــيـــــع انــــواع الـــــشـــــنـــــط الـــــعــــنـــــوان :41ش درب الـــــبـــــهــــــــلــــــوان مـــن زيـــن الـــــعـــــابـــــديـــــن الــــــســـــيـــــده زيــــــنــــب ت:0126603073 ت:0223628996
_www.betna.alafdal.net_
نعم للتغيير

    الجلسة الرابعة (من دورة تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)

    alkady
    alkady
    الرتبة الاولى
    الرتبة الثانية


    عدد الرسائل : 145
    العمر : 33
    الموقع : الاسماعيليه
    العمل/الترفيه : طالب
    المزاج : النسكافيه
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 397
    تاريخ التسجيل : 24/08/2010

    الجلسة الرابعة (من دورة تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)  Empty الجلسة الرابعة (من دورة تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)

    مُساهمة من طرف alkady الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 7:39 am

    المفهوم الغربي للعلم:

    نشأ المفهوم الغربي للعلم (Science) نتيجة للصراع المرير بين العلم والكنيسة، فجاء مفهوم العلم ليقابل مفهوم الدين. فارتبطت العلوم الكونية بالقوانين الطبيعية والمادية وبالقضايا المحسوسة الخاضعة للتجربة، وأصبح العلم بذلك معياراً لقياس الخطأ في دينهم الذي أعطى تفسيرات محرفة للعلوم وربطها بهتاناً بالعلم الغيبي لله سبحانه. وبذلك لم يعد لله وجود في علمهم.
    ونشأ مفهوم العلوم الإنسانية (Human Science) عندهم من المنطلق نفسه، الذي يؤكد فصل الدين عن العلم، فلا علاقة لدينهم بعلم النفس، أو علم الاجتماع، أو علم الاقتصاد، أو علم السياسة ...الخ ولا علاقة لدينهم بتطبيقات هذه العلوم.
    وتحول دينهم ابتداء من القرن التاسع عشر الميلادي إلى مجموعة من المبادئ الأخلاقية، لا علاقة لها بالعلم، وانحصر دينهم في علوم اللاهوت التي رفض المجتمع أن يكون لها أي علاقة بالعلوم الكونية أو العلوم الإنسانية.
    وظهرت في الغرب اتجاهات متعددة فيما عرف بنظرية المعرفة "أبستيمولوجي" منها: الاتجاه العقلي النقدي، واتجاه التفسير التاريخي والاجتماعي للعلوم، واتجاه ثالث عرف بنظرية الفوضى (Chaos theory). واتجاه رابع يرى وجود علاقات بين التخصصات العلمية أطلق عليها العلاقات البينية (interface). واتجاه خامس يدعو إلى الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في تفسير قيمة العلم.

    4.1.1 الاتجاه العقلي النقدي:
    يرتكز الاتجاه العقلي النقدي على أربعة مبادئ:
    · منهج يلزم بصورة صارمة كل أنواع البحث بمعايير علمية مثل: التماسك المنطقي الداخلي بين الأفكار, والتطابق بين النظرية والظواهر التي تحكمها.
    · التزام الموضوعية وقابلية التعميم, فلا ترتبط النتائج بمكان أو بعقيدة، فما يصح في لندن يصح كذلك في مكة وطوكيو، عند المسلم والنصراني واليهودي والبوذي واللاديني. فلا مكان للعقائد والأيدلوجيات في العلم.
    · البناء التراكمي للمعرفة الذي يؤدي إلى تقدمها, بحيث تضاف معرفة جديدة إلى ما سبقها من معارف بصورة مستمرة؛ فيكون تاريخ العلوم في تطور مستمر.
    · التحقق والتصحيح, فيجب وضع قواعد موثوقة وقابلة للتطوير لكل علم، ويجب مناقشة نتائج البحوث – وإن كانت احتمالية- ونقدها ومواجهتها بالأدلة المتاحة. ويجب أن يواصل البحث العلمي الكشف عن أخطاء ما يعتقد أنه حقائق علمية، فالعلم لا يتقدم إلا بالتمحيص والنقد.

    4.1.2 تفسير العلوم تاريخياً واجتماعياً:
    يقوم اتجاه تفسير العلوم تاريخياً واجتماعياً على قراءة مغايرة تماما لقراءة الاتجاه الأول, حيث يسمح للأيدلوجيات والمسلمات التي لا برهان محسوس عليها بأن تدخل في النظام العلمي. فيعتمد هذا الاتجاه على التحليل التاريخي للعلم, تحليلا قائما على الظروف الاجتماعية والنفسية السائدة. فالعلم لا ينفصل عن الثقافة السائدة وما ترتكز عليه من قيم وعقائد، ويعترف هذا المنهج بضرورة المنهج العلمي الصارم، وأهمية الموضوعية، ولكن يجب معرفة ما يخفى وراءهما من القيم والمعتقدات (الأيدلوجيات) السائدة. فالعلماء بشر يعيشون في مجتمع معين، ولا بد أن تفسر النتائج في ضوء تاريخ الوقائع العلمية، وما يرتبط بها من ظروف اجتماعية ونفسية.

    4.1.3 نظرية الفوضى:
    نتج عن الأزمة الروحية في الغرب أزمة عقلية فيما سمي: "نظرية الفوضى" التي تعكس عجز الإنسان على التنبؤ بالمستقبل، وترى أن العقل البشري لا يستطيع أن يصل في العلم إلى ما هو كلي، ولذا ترى جواز كل شيء في العلم، وإنكار المنهج العلمي، وعدم استبعاد اللامعقول من العلم. ونتج عن هذا الاتجاه الدعوة لرد الاعتبار للمجالات التي استبعدها العقلانيون مثل السحر والتنجيم والأساطير والكهانة.

    4.1.4 العلاقات البينية:
    وظهر اتجاه آخر في الغرب لعلاج القصور في نظرة العلم الشمولية والمتكاملة للأشياء، يتمثل في التركيز على العلاقات البينية بين التخصصات، لتكون وسيلة لاستكمال النقص الذي يعاني منه التخصص الواحد. وقد نتج عن ذلك تجديد في العلوم الإنسانية من خلال نقاط الالتقاء بين التخصصات المختلفة.
    تبلور هذا الاتجاه في النظر إلى العلم بصورة أكثر شمولية: فالعلم ليس مجرد ملخصات للنظريات والمعطيات والتجارب منعزلة عن العلماء وعن المنتفعين من العلم؛ فالمفاهيم العلمية ينتجها بشر في مؤسسات, ويستفيد بها بشر في مؤسسات أخرى، ولذا فإن العلم نظام له عناصر ينبغي دراستها وهي:
    · عناصر نظرية (مفاهيم، ونماذج، ونظريات).
    · عناصر اجتماعية وأيدلوجية (مؤسسات اجتماعية، ومؤسسات علمية, ومؤسسات سياسية).
    · عناصر اقتصادية ونفعية (مؤسسات اقتصادية وتقنية).

    4.1.5 الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في العلم:
    ومع تفاقم أزمة العقل الغربي، وانقطاع الصلة بين العلم والأخلاق، اتجه بعض فلاسفتهم إلى ضرورة الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في العلم؛ فيرون ضرورة تفسير قيمة العلم في ضوء المبادئ الأخلاقية.

    4.2 المفهوم الإسلامي للعلم:

    ارتقت العقلية الغربية؛ فاقتربت من بعض جوانب المفهوم الإسلامي للعلم. فالنظرة الكلية الشاملة للعلم، والتي ترجمها علماء المسلين في عصر نهضتهم إلى واقع علمي؛ فلم يفصلوا العلوم الشرعية عن العلوم الإنسانية أو العلوم الكونية؛ فكان العالم المسلم يجمع المجالات المتعددة مثل الطب والفقه والمنطق والحديث وغير ذلك. اقترب الفكر الغربي في مجمله من إدراك النظرة الكلية للعلم، عندما أدرك أن العلم نظام له عناصر يجب أن تدرس، ومن هذه العناصر ما هو أيدلوجي (عقدي)، وأن هناك علاقات بينية للتخصصات يجب البحث فيها لإخراج التخصصات من عزلتها. وتلا ذلك الاتجاه المحدود نحو الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في مجال العلم. فالفكر الغربي في مجمله قد أخفق في فهم الحقيقة الكاملة للعلم؛ نتيجة الفصل بين الدين والعلم؛ فوصل إلى الفوضى التي تنذر بأسوأ العواقب.
    العلم في المفهوم الإسلامي: فريضة، تمارس في ظل الشريعة، وفق المقومات الإسلامية للعقلية العلمية، وغاية العلم رضا الله سبحانه. وينظر إلى العلم بوصفه منظومة متكاملة في تفاصيلها ومكوناتها؛ فمجالات العلم وميادينه وحقوله متداخلة مع بعضها، ومتشابكة جميعا، وتعتبر أجزاء لحقيقة واحدة. والعلم أيا كان مجاله أو ميدانه أو حقله، فإن مصدره واحد هو علم الله تعالى, وهو علم واحد لا يقبل التجزئة.
    يحدد المفهوم الإسلامي للعلم: مصدر العلم وحدوده، وطبيعة العلم، وفريضة العلم، وتنظيم العلم وغايته، والمقومات الإسلامية للعقلية العلمية.

    4.2.1 مصدر العلم وحدوده:
    · مصدر علم الإنسان هو علم الله المطلق:

    ( للَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)(الطلاق:12).
    · وأول المعرفة الإنسانية كانت وحياً من الله سبحانه إلى آدم عليه السلام:

    ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(البقرة:31)
    · لا يعرف الإنسان من علم الله إلا القليل، فالقوانين العلمية التي يكتشفها الإنسان، مثل القوانين الفيزيائية، تصف العلاقة بين الأشياء، وتصف ما يحدث، لكنها لا تفسره ولا تبرره. يقول الحق تبارك وتعالى:

    ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء:85). 4.2.2 طبيعة العلم:
    زعم فريق من الباحثين في هذا العصر أن ما من قاعدة تنتمي إلى علم ما, إلا وفي القرآن حديث عنها ونص عليها... وفريق آخر ألغي صلة ما بين القرآن والعلم, وأصر على أنه ليس أكثر من كتاب وعظ وهداية وتبصير بالشرائع والأحكام والواقع. والحقيقة أن القرآن قائم من هذه المسألة بين هذين التصورين المتناقضين.
    فمن إعجاز القرآن أنه جاء بكليات العلوم مجتمعة في كلماته، وترك تفصيلاتها لفكر الإنسان في كل عصر من العصور بقدر ما آتاه الله من علم. فالقرآن يضع القارئ أمام عناوين العلوم ومسائلها, ويطل بهم على ظواهرها مشوقا إلى معرفتها والخوض فيها, دون أن يبت فيها بقرار علمي, هذا بالإضافة إلى أنه يحاكم الناس كلهم إلى العلم في كل شيء, لاسيما الدين. ومن ثم كان القرآن الحافز الأول في حياة العرب إلى العلم.
    إن شأن القرآن مع العلم, كشأنه مع اللغة العربية وآدابها فما هو معلوم بداهة أن القرآن هو الذي حمى اللغة العربية من الضياع, وهذبها، وأغناها بمزيد من الأصول وفنون التعبير والسبك والبيان, مع العلم بأنه لا يحوي على شيء من قواعد النحو أو البلاغة وشرحها والتعريف بها. إن شأن القرآن مع العلم كذلك.
    ويقول الدكتور القرضاوي:"ليس صحيحا ما شاع عند الغربيين ومن دار في فلكهم: أن العلم مقصور على ما قام على الملاحظة والتجربة, وليس صحيحا أيضا ما يتصوره بعض المسلمين المتدينين أو يصورونه, بأن "العلم" في القرآن يعني "العلم الديني" ولا شيء غيره, وحاول بعض أهل العلم الدفاع عن هذه الدعوى!"
    إن أغلب ما ورد في نصوص القرآن والسنة عن العلم كان عاما ومطلقا, يشمل كل علم ديني أو دنيوي, وبعضها لا يمكن أن يفهم منه إلا أنه العلم الدنيوي: العلم بالكون والحياة والإنسان, وما يجرى عليها من سنن. ويقول الدكتور القرضاوي: "والعلم الذي نوه به القرآن, وحفلت به آياته, يشمل كل معرفة تنكشف بها حقائق الأشياء, وتزول به غشاوة الجهل والشك عن عقل الإنسان, سواء أكان موضوعه الإنسان, أم موضوعه الوجود والغيب, وسواء أكانت وسيلة معرفته الحس والتجربة, أم وسيلته العقل والبرهان, أم وسيلته الوحي والنبوة."
    وقد رأينا في العصر الذهبي الذي تألق فيه الإسلام، كل من العلماء المسلمين الذين أسهموا في بناء الحضارة الإنسانية، لم يقتصر أحدهم على مجال واحد من مجالات العلم فنجد مثلا من جمع بين الطب والمنطق والفلسفة واللغة والبيان والحديث وأصول الفقه، وغير ذلك، مما يؤكد وحدة العلم.

    وللعلم قواعد وقوانين ثابتة في علم الله، لا تتبدل ولا تتحول، أما المتغير فهو علم الإنسان بها، المرتبط باكتشافه لها، وتفسيره وفهمه؛ وفق قدراته وإمكاناته، وبالمقدار الذي يشاؤه الله سبحانه: " ..وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا ..." (البقرة:255). وبذلك ينسب العلم إلى الإنسان ويكون متغيراً. 4.2.3 فريضة العلم:
    ذهب الإمام أبو حامد الغزالي, وغيره من علماء الأمة, إلى تحديد فرض العين وفرض الكفاية من العلم. "ففرض العين ما يكشف عن المعتقدات والأفعال والتروك, التي كلف الله الإنسان بها..." أما فرض الكفاية منه : "كل علم به قوام الدين أو الدنيا, فإن تعلمه وإتقانه فرض كفاية على الأمة مثل الطب والهندسة وغيرهما." فإذا قام في الأمة عدد كاف يلبي مطالبها, ويسد حاجتها, ويغنيها أن تكون كلا على غيرها في النواحي المدنية والعسكرية, فقد سقط الإثم والحرج عن سائر الأمة, وإن لم يقم هذا العدد الكافي في كل اختصاص تحتاج إليه, فالأمة كلها آثمة, لتضييعها هذه الفريضة الجماعية, الواجبة عليها بالتضامن, على تفاوت في مستوى المسؤولية, فمسؤولية الجاهل ليست كمسؤولية العالم, ومسؤولية ذوي الشأن وأولي الأمر, ليست كمسؤولية غيرهم من المغمورين.
    4.2.4 تنظيم العلم وغايته:
    تأتي شريعة الله لتنظم حركة حياة الأمة، وتستوعب كافة مسارات العلم الشرعي، والكوني، والإنساني، والنظري، ومسارات الفنون والآداب. وترشد الإنسان للقيام بدوره في الخلافة، وتضع الأطر العقدية التي توجه هذه المسارات لتكون قربة إلى الله سبحانه. وتضع الشريعة الأطر والقواعد الأخلاقية لكافة مسارات العلم، فلا يكون العلم هدفاً في حد ذاته؛ فيكون فتنة للناس، وتدميراً للقيم والأخلاق، وإهلاكاً للإنسان والحيوان. بل العلم وسيلة غايتها رضا الله سبحانه.
    وللعلم في الإسلام صلة وثيقة بالعمل في الحياة, ولذلك فسر المفسرون الحكمة في العربية بأنها إحكام للعلم وإحكام للعمل معا, فهي تحقيق العلم, وإتقان العمل. وفي الحكمة إشارة إلى ثمرة العلم وفائدته, وثمرة العلم العمل بموجبه, والتصرف بحكمه.

    4.3 المقومات الإسلامية للعقلية العلمية:

    يتطلب العلم النافع مناخاً نفسياً يهيئ العقول للتفكير، وللأفكار أن تزدهر، وللآراء أن تناقش، ولصحاب الحجة أن يدلي بحجته. ويعمل القرآن والسنة على توفير هذا المناخ وتكوين العقلية العلمية اللازمة لنهضة العلم، فيجعل النظر فريضة، والتفكير عبادة، ويبين مجال علم الإنسان، وينهي عن الجمود والتحجر، والتقليد الأعمى، ويرفض الظن في موضع اليقين، ويرفض الأهواء والعواطف في مجال العلم، ويرفض الكبر والغرور، ويدعو إلى إقامة البرهان، ويحدد المسؤولية في استخدام أدوات العلم، ويأمر برعاية سنن الله في الكون، ويحث على الجهاد في سبيل اكتشاف الحقائق العلمية.

    4.3.1 النظر والتفكر:
    يرى الإمام الغزالي أن النظر هو طلب الصواب. وأما الفكر فهو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة. والتفكير والتأمل والتدبر عنده كلمات مترادفة. وثمرة الفكر إنما هي تكثير العلم واستجلاب معارف جديدة, ويتمادى الفكر في نظر الغزالي إلى غير نهاية, فالعلوم لا نهاية لها, ومجاري الفكر غير محصورة, وثمراته غير متناهية, وهو في الآن نفسه شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم, ويجري الفكر فيما يتعلق بالدين وفيما يتعلق بغير الدين.
    والنظر العقلي هو الذي يستخدم الإنسان فيه فكره في التأمل والاعتبار, بخلاف النظر البصري, فهو الذي يستخدم الإنسان فيه عينه. النظر في الإسلام فريضة, والتفكر في الإسلام عبادة. ويشمل النظر الأشياء والأحداث. يشمل الإنسان نفسه، وما حوله من نبات وحيوان، وجماد، والسماء والأرض، والجبال، وكل ما في العالم علويه وسفليه، كما توضح الآيات الآتية:

    ( َفَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ) (الطارق:5 ). ( فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) (عبس:24). ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحـج:46). ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (غافر:82). ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) (محمد:10). ( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (الغاشية:17). ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(الأعراف:185). 4.3.2 حرية التفكير:
    لم يقيد القرآن العقل البشري إلا بقيد التحرر من الأوهام والتقليد الأعمى, والخوض في الغيبيات، بل دعا إلى تحرره من تقاليد الآباء والأجداد, وخضوعه للأساطير والكهان والأحبار.

    } وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ، وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ{ (البقرة:170-171). ويقول العلامة ابن الجوزي: في التقليد إبطال منفعة العقل, فقد خلق للتدبر والتأمل, وقبيح بمن أعطي شمعة أن يطفئها ويمشى في الظلمة !.
    والمسلم لا يخرج بتفكيره عما لم يحط الإنسان بعلمه، فينضبط تفكيره بإيمانه؛ فلا يخوض في الغيبيات. ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    " إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ." (أخرجه الإمام أحمد). 4.3.3 رفض الظن في موضع اليقين:يجب رفض الظن في كل موضع يطلب فيه اليقين, كما في مقام تأسيس العقائد التي تقوم عليها نظرة الإنسان إلى الوجود, أعنى: إلى الله والكون والإنسان والحياة. فهذه القضايا الكبرى لا يكفي فيها الظن, بل لابد فيها من العلم, أي العلم اليقيني. قد يكفي الظن في قضايا الفروع والجزئيات, التي تقوم عليها تعاملات الناس بعضهم ببعض. } وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ{ (يونس:36). 4.3.4 رفض الأهواء والعواطف في مجال العلم:
    فالهوى يعمي ويصم, وإتباع العواطف قد يضلل الإنسان عن الحق, وخصوصا العواطف الهوجاء, مثل الحب الشديد, والكره الشديد, والغضب الشديد. وقد نهى القرآن عن إتباع الظن وهوى النفس معاً، كما في قوله سبحانه:

    ( إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) (النجم:23). ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (ص:26). وقد ورد في الحديث : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ" (البخاري وغيره). لأن انفعال الغضب يسد عليه منافذ الإدراك الصحيح لجوانب القضية المختلفة فيظهر حكمه غير سليم. فالعقلية العلمية هي التي تنحي الأهواء والانفعالات والعواطف جانبا , وتنظر إلى الأمر نظرة موضوعية محايدة. 4.3.5 رفض الكبر والغرور:
    نهى الله –سبحانه وتعالى- عن الكبر، وبين أنه سيصرف المتكبرين عن آيات الله. وكثيراً ما يؤدي العلم إلى الغرور، فأمر الله الناس ألا يغتروا بشيء في هذه الحياة. فقال تعالي:

    ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف:146). ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر:5). 4.3.6 إقامة البرهان:
    يدعو القرآن إلى البحث عن الدليل والبرهان، وإلى عدم قبول أي أمر يدعى بغير برهان علمي, يشهد له, ويدل على صحته وصدقه, وما لم يوجد دليل يثبت الدعوى أو القضية المطروحة, فهي في نظر العقل المسلم مرفوضة ساقطة. ومن ذلك قوله تعالى:

    ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُون)(الأنبياء:30) ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الروم:37) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا{ (النساء:174) ( وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:111)
    4.3.7 المسؤولية عن أدوات تحصيل العلم:
    زود الله سبحانه الإنسان بأدوات لتحصيل العلم، وحمله مسؤولية استخدام هذه الأدوات، فقال تعالى:

    ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36). 4.3.8 رعاية سنن الله في الكون والمجتمع:
    أوجب القرآن احترام السنن والقوانين التي أقام الله عليها نظام الكون, ونظام المجتمع, وهي سنن وقوانين لها صفة العموم والشمول, فهي تحكم على الناس جميعا. , كما أن لها صفة الثبات والدوام, فهي لا تتغير ولا تتبدل, وهي تجري على الآخرين كما جرت على الأولين, وتعمل في عصر سفن الفضاء, عملها في عصر الجمل سفينة الصحراء. ومن ذلك قول الله سبحانه:

    ( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ)(آل عمران:137). ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)(فاطر:42-43). وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم وجوب رعاية سنن الله تعالى, بقوله وعمله وتقريره, كما هو وضح في سنته وسيرته. فقد أنكر r كل ما لا يقوم على السنن الطبيعية والاجتماعية في أمور الحياة والرزق والطب والتداوي والعلاقات المختلفة. ومن ذلك تحريم السحر, وجعله من الكبائر أو الموبقات فقَالَ: " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ ..." (البخاري ومسلم وغيرهما). وأنكر كذلك التنجيم الذي يقوم على التنبؤ بالغيبيات والمستقبليات فقَالَ:" رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ" (رواه أحمد وابن ماجة).
    إن المسلمين في العصور الأولى رعوا هذه السنن, واحترموا الأسباب والمسببات, فأقاموا حضارة مثلى, نشأت في رحابها علوم كونية وعلوم إنسانية, آتت أكلها بإذن ربها.

    4.3.9 البحث عن العلم النافع وتجنب العلم غير النافع:
    فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بان نسأل الله العلم النافع، وإن نتعوذ بالله من العلم الذي لا ينفع، ومن ذلك :

    " قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ.(أخرجه ابن ماجة). " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ" (أخرجه: أبو داود وابن ماجة وأحمد) 4.3.10 الجهاد في سبيل كشف الحقائق العلمية:
    فقد دفع القرآن الكريم الأمة لكشف الحقائق ووعدها بأن يقربها من الحقيقة بمقدار ما تبذله من جهد فقال سبحانه:

    ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين) (العنكبوت:69). 4.4 نموذج من التفسير الإسلامي للمفاهيم العلمية:

    نتناول فيما يلي أثنين من المفاهيم السائدة في الساحة العلمية، لبيان التفسير الإسلامي لكل منهما، وهما: الطبيعة، والصدفة.

    4.4.1 مفهوم الطبيعة:
    يقصد بالطبيعة (Nature) كل الموجودات في الكون التي لم يتدخل الإنسان في صناعتها، ولذا فإن الطبيعي يقابل الصناعي. ويبحث علم الطبيعة في طبائع الأشياء وخصائصها.

    والطبيعة مخلوقة ومسخرة للإنسان ليقوم بمهمة الخلافة في الأرض: }وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{ (الجاثية:13). وتسخير المخلوقات للإنسان يتطلب أن يبذل الإنسان الجهد اللازم لمعرفة السنن(القوانين) التي تحكم طبائعها؛ وكيفية عمل هذه السنن الثابتة. } ..فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا{ (فاطر:43). ومعرفة سنن الله في خلقه متاحة للمؤمن والكافر، ليست محظورة على أحد. يقول الحق تبارك وتعالى: } كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا{ (الإسراء:20).
    ومن الأخطاء الشائعة أن تنسب إلى الطبيعة الأفعال التي تعبر عن الخلق، فيقال مثلاً إن الطبيعة منحت الإنسان القدرة على التكلم، ونحو ذلك من التعبير الذي يضفي على الطبيعة صفة الخلق. وهذا يتنافى مع حقيقة كون الطبيعة مخلوقة وليست خالقة.

    4.4.2 الصدفة:
    لمعنى كلمة الصدفة (Chance) أوجه متعددة؛ يعنينا مها ثلاثة: مفاهيم الصدفة في الحياة اليومية، ومفهوم الصدفة في افتراضات العلم الغربي، ومفهوم الصدفة في التصور الإسلامي.

    4.4.2.1 مفاهيم الصدفة في الحياة اليومية:
    تستخدم كلمة الصدفة في الحياة اليومية لتعبر عن واحد من ثلاثة مفاهيم:
    · عدم القصد من فعل معين، مع إمكانية وجود القصد. كأن يلتقي شخص بصديق قديم دون ترتيب مسبق (دون قصد) في مكان عام مثل مسجد أو مطار أو سوق...الخ.
    · وجود القصد من فعل معين مع عدم توفر الإمكانية. مثل شخص لا يعرف فن الرماية، ويصيب الهدف من أول رمية.
    · عدم وجود علاقة سببية أو رابط بين حدثين متزامنين أو متتابعين يمكن أن يكون بينهما مثل هذه العلاقة. مثل الإعلان عن القيام بعمل معين، وتقوم به جهة أخرى غير المعلنة عنه.

    4.4.2.2 مفهوم الصدفة في فرضيات العلم الغربي:
    للصدفة مفهوم إلحادي في فرضيات العلم الغربي، يرتبط بتفسير نشأة الكون من العدم (صدفة) دون الاعتراف بوجود الخالق. وكذلك تفسير التنظيم الدقيق والمعقد للوجود، فهو في افتراضاتهم صدفة، أو أن هذا التنظيم - في أفضل فروضهم- تحكمه قوانين تصادف وجودها! أو أن هناك التنظيم الذاتي المعقد الذي أوجد نفسه من العدم صدفة! ولما كانت هذه الفرضيات الإلحادية تتصادم مع الفطرة السليمة والعقل الرشيد، فأقحمت كلمة الصدفة التي اعتاد الناس على استخدامها في حياتهم اليومية لتكون بديلاً مألوفاً لفكرة الخلق! مع ملاحظة عدم وجود علاقة بين مفاهيم الصدفة في الحياة اليومية، ومفهومها الإلحادي. ففي المفاهيم الثلاثة المستخدمة في الحياة اليومية إثبات للفاعل، بينما المفهوم الإلحادي للصدفة ينكر وجود الفاعل. وقد دفع هذا الاعتقاد الإلحادي أتباعه إلى البحث عن قوانين تساند اعتقادهم الباطل.

    4.4.2.3 مفهوم الصدفة في التصور الإسلامي:
    الصدفة بكل معانيها هي قدر الله، ويثبت ذلك القرآن الكريم في كثير من الآيات منها:

    }... قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا{ (الطلاق:3 ). } إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ { (القمر:49 ). } فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ { (المرسلات:23 ).
    وليس للصدفة علاقة بعملية الخلق. فقد خلق الله السموات والأرض من العدم، وكان خلقهما أكبر من خلق الناس. يقول الحق سبحانه وتعالى:

    ( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (غافر:57).
    كما أن القوانين التي خلقها الله لا تحكم الكون دون تدخل منه، كما تزعم التوراة المحرفة. يقول الله سبحانه:

    ( اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(آل عمران:2 ). ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (فاطر:41).

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 11:40 pm